الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: البيان والتحصيل والشرح والتوجيه والتعليل لمسائل المستخرجة
.مسألة حلف بطلاق امرأته ألا يستخدم خادم فلان فأعتقت الخادم: قال محمد بن رشد: قد مضت هذه المسألة والقول فيها في رسم لم يدر فلا معنى لإعادته وبالله التوفيق. .مسألة حلف على رجل ألا يأويه وإياه سقف بيت فجمعهم المسجد: قال: لا أرى في ذلك طلاقا وذلك ما لا يستطيع غيره، ولم يكن المسجد من البيوت التي نوى. قال محمد بن رشد: اعتل لقوله في هذه المسألة بعلتين: إحداهما: قوله: وذلك ما لا يستطيع غيره، وذلك أنه لما كانت المساجد من البيوت التي لا يصح التحجير فيها، وكان الحالف من أجل ذلك قد علم أنه لا يمكنه التوقي من أن يجامعه فيه المحلوف عليه في المسجد، حمل يمينه على أنه إنما أراد ألا يأويه وإياه سقف بيت يمكنه التوقي في أن يجامعه فيه، والثانية: قوله: ولم يكن المسجد من البيوت التي نوى وذلك أن المساجد وإن كانت بيوتا في لسان العرب بدليل قول الله عز وجل: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ} [النور: 36] فليست بيوتا في عرف كلام الناس؛ إنما البيوت عندهم في عرف كلامهم بيوت السكن فحمل يمينه على عرف الناس لا على ما يقع عليه اسم بيت في اللسان العربي، فعلى هذه العلة لا يحنث إذا اجتمع معه في الحمام، خلاف قوله في سماع أبي زيد وهذا أصل مختلف فيه في المذهب، والقولان قائمان من المدنية، قال فيها في الذي يحلف ألا يأكل لحما فأكل لحم الحوت إنه حانث إلا أن تكون له نية لأن الله سماه لحما، وإن كان اللحم في عرف كلام الناس إنما يوقعونه على لحم ذوات الأربع. وأما ما في سماع أبي زيد من أنه لا يحنث إذا جامعه في سقيفة فيها طريق في مروره بها فلا يحنث باتفاق، إذ ليست السقيفة التي تحتها الطريق ببيت في اللسان ولا في عرف الكلام إلا أن يقصد إلى الاجتماع معه فيها فيحنث إن كان إنما قصد هذا اجتنابه وترك مجامعته بالجلوس وغيره، وإن لم يكن نوى ذلك فلا حنث عليه عند ابن القاسم، ولكن لا يحنث عنده إذا دخل معه تحت ظل شجرة أو جدار أو شيء، قاله في المدونة وقال ابن نافع فيها: إنه حانث إن دخل معه تحت ظل جدار أو شجرة أو شيء، وأما إن حلف ألا يجمعه وإياه سقف ولم يقل سقف بيت فقال ابن حبيب: إنه لا يجامعه في مقعد ولا موقف لا تحت سقف ولا في صحراء إلا أن يريد ترك مجامعته في البيوت المسكونة وبالله التوفيق. .مسألة حلف لامرأته بالطلاق ثلاثا ألا يكسوها وكانت لها ثياب مرهونة عند رجل: قال محمد بن رشد: هذا نص ما في المدونة في هذه المسألة وقول ابن القاسم فيها: إنه حانث إلا أن يكون أراد الشراء صحيح بين، إذ لم يحلف على الشراء فيحمل عليه حتى يريد ما سواه، وإنما حلف ألا يكسوها، وإذا افتك لها الثياب فكأنه قد كساها إذ لم تصل إلى لباس الثياب إلا بافتدائه لها، وأيضا فقد صار ممتنا عليها بلباسها الثياب، والظاهر من يمينه أنها من ناحية المن وبالله التوفيق. .مسألة خرجت امرأته تزور بعض أهلها فحلف زوجها بطلاقها واحدة ألا يرسل إليها بنفقتها: إن لها النفقة لكل ما غابت، وذلك أنه لو شاء أن ينقلها إلى نفسه نقلها ومنعها أن تستدين، ولو حلف بطلاقها البتة لرأيت أن لها النفقة أيضا. قال محمد بن رشد: قوله: أرى لها النفقة لكل ما غابت وذلك أنه لو شاء أن ينقلها إلى نفسه نقلها، يدل على أنه لو أرسل إلى نقلها فأبت من الانتقال إليه وغلبته على ذلك لم يكن لها أن تتبعه بما أنفقت على نفسها واستدانته، فلا نفقة للناشز على زوجها بدليل هذه الرواية، وفي شرح الأبهري الكبير أن ذلك إجماع من أهل العلم؛ إذ الامتناع بالاستمتاع ومنها، وفي كتاب محمد بن المواز عن مالك أن لها النفقة، قال في امرأة غلبت زوجها فخرجت من منزله فأرسل إليها فلم ترجع فامتنع من النفقة عليها حتى ترجع فأنفقت على نفسها ثم طلبته بذلك، قال: ذلك لها عليه يغرمه لها، وإلى هذا ذهب سحنون في كتابه لأنه فرق بين أن تنشز عنه مدعية للطلاق أو بغضة فيه، فقال: إن نشزت عنه بغضة فيه فلها النفقة كالعبد الآبق نفقته على سيده، وذهب ابن الشقاق إلى أنها لا نفقة لها قياسا على مذهب ابن القاسم في المدونة في التي تغلب زوجها فتخرج من منزله في عدتها من الطلاق البائن وتسكن غيره أنها لا كراء لها على الزوج في البيت الذي سكنته، وليس ذلك بصحيح لأن ابن القاسم قد فرق بين المسألتين في كتاب ابن المواز، فأوجب للناشز النفقة بخلاف مسألة العدة، والفرق بينهما بيّن؛ لأن السكنى إنما يتعين لها في المسكن الذي طلقها فيه لا في ذمته فليس لها أن توجب في ذمته ما لم يجب لها فيها، وقالوا: إن الاختلاف في هذا جارٍ على اختلافهم في النفقة على الزوجات هل هو واجبة بحق العقد أو بحق الاستمتاع، ولا يستقيم ذلك لأنها لو وجبت بحق العقد لوجبت للصغيرة التي لا يوطأ مثلها على زوجها الصغير والكبير، ولو وجبت بحق الاستمتاع لسقطت النفقة عن الزوج في زوجته إذا حدث بها بعد الدخول داء لا يقدر معه على الوطء أو مرضت مرضا لا يمكن معه جماعها، فالمعنى في ذلك عندي إنما هو أن النفقة لما كانت مرة يعتبر فيها الاستمتاع دون العقد ومرة يعتبر فيها العقد دون الاستمتاع اختلف فيها أيهما يغلب في الناشز، وعلى هذا اختلفوا في الكبير يتزوج التي لا يوطأ مثلها فمن غلب في النفقة حق الاستمتاع لم يوجب لها نفقة عليه حتى يدعى إلى الدخول وهو المشهور في المذهب، ومن غلب حق العقد رأى لها النفقة حتى يحال بينه وبين الدخول، وهو دليل ما في الزكاة الثاني من المدونة وتفرقة من فرق في ذلك بين اليتيمة وغير اليتيمة استحسان إذ لا يخرج موجب النفقة لها عن أخذ القولين والله أعلم. .مسألة حلف بطلاق امرأته ألا ينفع فلانا فأمر غلامه أن يسقيه فسقاه: قال محمد بن رشد: وهذا كما قال لأنه قد عم جميع وجوه المنافع بقوله ألا ينفع فلانا فوجب أن يحنث إلا أن تكون له نية في وجه من وجوه المنافع، دون غيره فيصدق في ذلك مع يمينه، وإن قامت عليه بينة؛ لأنها نية محتملة غير مخالفة لظاهر قوله وبالله التوفيق. .مسألة قال إن لم أحج فامرأتي طالق البتة ولم يسم العام الذي يحج فيه: قال محمد بن رشد: ظاهر هذه الرواية مثل ظاهر قول ابن القاسم في المدونة إن الحالف بطلاق البتة إن لم يحج يمنع من الوطء من يوم حلف، وإن لم يأت بعد إبان خروج الناس إلى الحج، فإن رفعت امرأته أمرها إلى السلطان ضرب له أجل المولي، قال غيره في المدونة: إذا تبين ضرره بها، وقيل له: اخرج وأحرم وإن كان ذلك في المحرم، ومعنى ذلك على ما قاله عيسى بن دينار إذا وجد صحابة، وأما إذا لم يجد صحابة فلا يؤمر بالإحرام ولا يضرب له أجل المولي، وفي المسألة قول ثان وهو أنه لا يمنع من الوطء ولا يضرب له أجل المولي حتى يأتي وقت إبان خروج الناس إلى الحج، روى ذلك ابن نافع عن مالك، فإن ضرب له أجل الإيلاء وخرج فأدرك الحج قبل انقضاء أجل الإيلاء فحج بر وسقط عنه الإيلاء، وإن لم يحج طلق عليه بالإيلاء عند انقضاء أجله، وإن انقضى أجل الإيلاء قبل وقت الحج لم يطلق عليه حتى يأتي وقت الحج، فإن أتى وقت الحج فحج بر وسقط عنه الإيلاء، وإن لم يحج طلق عليه بالإيلاء، وإن لم يضرب له أجل الإيلاء ولا خرج حتى فاته الحج ضرب له أجل الإيلاء أيضا وقيل له: اخرج وأحرم على القول الأول، وأما على القول الثاني فقيل: إنه يطلق عليه وهو قول ابن القاسم، وقيل: إنه يرجع إلى الوطء حتى يأتي وقت إبان خروج الناس إلى الحج، وهو قول أشهب وقيل: إنه لا يرجع إلى الوطء أبدا ويضرب له أجل الإيلاء متى ما قامت به امرأته وفي المسألة أيضا قول ثالث وهو أنه لا يمنع من الوطء حتى يخشى أن يفوته الحج، فإذا خشي فواته وقامت به امرأته ضرب له أجل المولي وقيل له: اخرج فإن خرج فأدرك الحج بإسراع السير بر وسقط عنه الإيلاء، وإن لم يدرك الحج طلق عليه بالإيلاء إن كان قد انقضى أجله أو عند انقضائه إن كان لم ينقض بعد، وفي المسألة أيضا قول رابع وهو أنه لا يمنع من الوطء حتى يخشى أن يفوته الحج، فإذا فاته الحج وقامت به امرأته ضرب له أجل الإيلاء، فإن خرج لم تطلق عليه بانقضاء أجل الإيلاء حتى يأتي وقت الحج، فإن أتى وقت الحج فحج بر وسقط عنه الإيلاء، وإن أتى وقت الحج فلم يحج طلق عليه بالإيلاء، وإن لم يخرج حتى انقضى أجل الإيلاء طلق عليه بالإيلاء، وهذان القولان الثالث والرابع من المدونة، وإن كان يوم حلف لم يبق بينه وبين وقت الحج ما يدرك فيه الحج فلا يمنع من الوطء ولا يدخل عليه الإيلاء في بقية ذلك العام، وهو دليل قوله في الرواية، فإن لم يحج من عامه وعليه من الزمان ما يحج في مثله فهذا تحصيل القول في هذه المسألة وبالله التوفيق. .مسألة حلف بطلاق امرأته ألا يدعها تخرج شهرا إلا لنقلة من منزل إلى منزل: قال محمد بن رشد: قوله إلا أن يريد الخروج من ذلك المنزل معناه إلا أن يريد الانتقال من ذلك المنزل، وذلك لا يكون إلا بأن ينتقل عنه انتقالا صحيحا بجميع متاعه، فإذا فعل ذلك فلا حنث عليه، قال في سماع أبي زيد: وذلك إذا كان لخروجه مكث طويل شهرا أو نحوه، وذلك أنه حد من حلف لينتقلن من هذا المنزل استحسانا ولو رجع فيما دون الشهر لم يحنث على ما مضى القول فيه في آخر رسم من سماع أشهب وفي غيره وبالله التوفيق. .مسألة يأمر امرأته أن تعمل عملا ويقول أنت طالق إن لم تفرغي منه: قال محمد بن رشد: قد حكى ابن حبيب خلاف هذا عن ابن القاسم أنه لا يبر إلا بأن يهجرها شهرا، ولو قال إن لم أطل هجرانك لبر على القول الأول بالشهر، وهو قول ابن الماجشون، وعلى القول الثاني لا يبر إلا بأن يهجرها سنة، ولو قال أن أهجرك حينا أو زمانا لبر بالسنة واختلف في الدهر، فقيل فيه السنة، وقيل أكثر من السنة، روي ذلك عن مالك، وقال مطرف السنتان في الدهر قليل وبالله التوفيق. .مسألة يقول لامرأته أنت طالق إن لم أكن من أهل الجنة: قال محمد بن رشد: ساوى ابن القاسم بين أن يحلف الرجل بالطلاق أنه من أهل الجنة وبين أن يحلف ليدخلن الجنة في أن الطلاق قد وجب عليه، ومثله في المبسوطة لمالك إذا حلف على ذلك حتما، وقال الليث بن سعد: إنه لا شيء عليه، ونزع بقول الله عز وجل: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرحمن: 46] وإليه ذهب ابن وهب ولا يخلو الحالف على هذا من أن يريد بيمينه أنه من أهل الجنة الذين لا يدخلون النار أو أنه من أهل الجنة الذين لا يخلدون في النار أو لا تكون له نية في شيء من ذلك، فأما إن أراد بيمينه أنه من أهل الجنة الذين لا يدخلون النار فتعجيل الطلاق عليه بين ظاهر؛ لأن المسلم لا يسلم من مواقعة الذنوب، إذ لا يعصم منها الأنبياء فضلا عمن سواهم، قال الله عز وجل لنبيه عَلَيْهِ السَّلَامُ: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: 2] وفي وصية الخضر لموسى: واستكثر من الحسنات فإنك مصيب السيئات، واعمل خيرا فإنك لابد عامل شرا، ولا يدري الحالف هل يغفر الله له ذنوبه أم لا؟ لأنه عز وجل يقول في كتابه: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] فالحالف على هذا إنما هو حالف على أن يغفر الله ذنوبه، فهو حالف على غيب لا يعلمه إلا الله، ولا اختلاف في إيجاب تعجيل الطلاق على من حلف، فلا ينبغي أن يختلف على هذا الوجه، وأما إن أراد بيمينه أنه من أهل الجنة الذين لا يخلدون في النار فالمعنى في يمينه إنما هو لا يكفر بعد إيمانه ولا ينتقل عن إسلامه وليثبتن عليه إلى الموت، الحالف على هذا حالف ليفعلن ما أمر به من الثبوت على الإسلام حتى يأتيه الموت وهو عليه، قال الله عز وجل: {وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102] أي اثبتوا على إسلامكم حتى يتوفاكم ملك الموت فهذا بين أنه لا شيء عليه؛ لأنه إنما هو حالف ألا يكفر وأن يثبت على إسلامه، فهو في التمثيل كمن حلف بالطلاق أن يقيم في هذه البلدة ولا يخرج منها حتى يأتيه الموت فلا شيء عليه، لا يجب عليه الطلاق إلا بالخروج من البلدة، فكذلك هذا لا يجب عليه الطلاق إلا بالكفر، فلا ينبغي أن يختلف في هذا أيضا، وأما إن لم تكن له نية فالظاهر من مذهب مالك وابن القاسم أن يمينه تحمل على الوجه الأول فيعجل عليه الطلاق، والأظهر أن يفرق بين اللفظين فيحمل قوله: إن لم أكن من أهل الجنة على الوجه الأول فيعجل عليه الطلاق، والأظهر فيه أنه لا يطلق القول على أحد أنه من أهل الجنة إلا إذا لم يدخل النار، ويحمل قوله إن لم أدخل الجنة على الوجه الثاني فلا يكون عليه شيء؛ لأن الظاهر من قوله إن لم أدخل الجنة إن لم أدخلها أصلا، فهو بمنزلة ما لو قال: إن خلدت في النار، وذلك يرجع إلى أنه إنما حلف ألا يكفر وأن يثبت على إيمانه، وأما قول الليث بن سعد وابن وهب فمعناه عندي أنهما حملا يمينه إذا لم تكن له نية على الوجه الثاني، ولهذا قال إنه لا شيء عليه، ولا يصح أن يتأول عليهما أنهما حملا يمينه على الوجه الأول ولم يوجبا عليه الطلاق؛ لأن ذلك يخرج إلى الإرجاء الصريح ومن الحق أن ينزها عن أن يتأول عليهما ما يخرج إلى هذا فالاختلاف في هذا بين مالك والليث إنما يعود إلى ما يحمل عليه يمينه إذا لم تكن له نية وبالله التوفيق. .مسألة قال كل ثيب أنكحها فهي طالق ثم قال بعد ذلك كل بكر أنكحها فهي طالق: قال محمد بن رشد: قول ابن القاسم أظهر، وقد وقع له مثله في آخر رسم الصلاة من سماع يحيى؛ لأن اليمين لازمة له في الصنف الأول، فهو يجوز له نكاح شيء منه فكان بمنزلة من قال بعد ذلك كل امرأة أنكحها بأرض الإسلام فهي طالق وهو لا يقدر على الدخول إلى أرض الحراب، أو بمنزلة من قال كل امرأة أتزوجها إلا بالصين فهي طالق وبالله التوفيق. .مسألة قال امرأتي طالق لأن رؤي الليلة الهلال إن صمت غدا مع الناس فرئي الهلال تلك الليلة: قال: أرى عليه الطلاق إلا أن يكون نوى ذلك فيدينه وإن كانت عليه بينة فله نيته. قال محمد بن رشد: إنما قال: إنه يحنث إلا أن ينوي ذلك لأن الظاهر من مقصده أنه لم ينو ذلك، وأنه إنما أراد أن يخالف الناس فيما يجب عليه من الصيام ورؤيته إياه فيفطر وهو مقيم، فإن كان نوى ذلك فيدين في نيته يريد مع يمينه، وإن كانت عليه بينة لأنها نية محتملة لا تخالف ظاهر قوله وبالله التوفيق. .مسألة قال لامرأته أنت طالق إلى ألف سنة أو خمسمائة سنة: قال محمد بن رشد: قوله: فأما كل أجل لا تبلغه الأعمار فليس بطلاق يريد الأعمار الذي يعمر إليها المفقود على الاختلاف الذي بينهم في ذلك وقد مضى هذا في رسم سلف وبالله التوفيق. .مسألة قال قد حلفت بالطلاق حتى إن امرأتي مني حرام: قال: يحلف بالله ما أراد الطلاق وما امرأته معه حرام ويخلى بينهما. قال محمد بن رشد: قال ابن دحون في هذه المسألة إنها مسألة حائلة لا أصل لها في الفتيا إذ كان يجب أن يتبين منه بإقراره وإلى هذا ذهب ابن زرب فجعل أول مسألة من رسم يشتري الدور والمزارع من سماع يحيى مخالفة لها، وليس كما قاله؛ إذ ليس ذلك بإقرار صريح لأنه لم يقر أنه حنث، فاحتمل عند مالك أن يكون أراد أنه خشي على نفسه الحنث لكثرة أيمانه بالطلاق فلذلك نواه مع يمينه والله أعلم. .مسألة يحلف لامرأته بطلاق كل امرأة ينكحها عليها فهي طالق البتة فيتزوج عليها سرا: قال: أما إذا علموا فلا شك أنها ترثه، وأما إذا لم يعلموا فقد اختلف فيه ورأيي أنها ترثه. قال محمد بن رشد: قوله: وقد علم الشهود بذلك أو لم يعلموا، علموا بتزويجه ودخوله عليها أو لم يعلموا بذلك فورثها منه إذا علم الشهود بذلك فلم يقوموا عليه حتى مات؛ لأنه أسقط شهادتهم بترك قيامهم بها، وكذلك لو ماتت هي لورثها هو إذا كان منكرا لليمين؛ لأن الشهادة قد بطلت بترك قيامهم بها، وسحنون لا يرى ترك قيامهم بالشهادة لاختلاف الناس في لزوم اليمين بالطلاق قبل النكاح وهو قول مالك في رواية أبي ضمرة من سماع حسين بن عاصم من كتاب الشهادات قوله فيه: فأما الشهادة بالحنث فإن ذلك ماضي، وإنما ورثها منه إذا لم يعلم الشهود من أجل أن القيام عليه إنما كان بعد موته لا من أجل اختلاف الناس في اليمين إذ لم يقل بذلك ولا رعاه، ولو ماتت هي لم يرثها هو على هذا التعليل، وهو قول مالك في رسم حمل صبيا قبل هذا، ولو كان القيام عليه قبل موته لم يتوارثا إذ لم يراع في ذلك الاختلاف في اليمين، وهو مذهبه في المدونة؛ لأنه جعل عليها العدة ثلاث حيض فدل ذلك على أنه لا ميراث بينهما، ويأتي على ما في سماع أبي زيد من أنه لا يفرق بينهما إذا دخلا مراعاة الاختلاف أنهما يتوارثان أيضا مراعاة للاختلاف، وقد مضى في رسم إن خرجت ما فيه بيان لما ذكرناه وبالله التوفيق. .مسألة يقول لامرأته أنت طالق إلى سنة إلا أن يبدو لي ألا أطلقك: قال محمد بن رشد: هذا كما قال وهو بين لا اختلاف فيه لأن قوله في الطلاق والعتق بعد أن أوقع ذلك على نفسه معجلا أو إلى أجل: إلا أن يبدو لي بداء منه في الطلاق والعتق الذي أوجبه على نفسه وذلك لا يجوز له، ولو قال امرأتي طالق إن فعلت كذا وكذا إلا أن يبدو أو إلا أن أرى غير ذلك لكان ذلك له، وقد مضى في رسم أوصى القول بالاستثناء في مشيئة الله باليمين بالطلاق كله، وتدبر افتراق المعاني فيه تصب إن شاء الله. .مسألة حلف بالطلاق في خصومة بينه وبين رجل ألا يفارقه حتى يبلغ أقصى حقه: وسئل عن رجل حلف بالطلاق في خصومة بينه وبين رجل ألا يفارقه حتى يبلغ أقصى حقه في خصومته معه فوجد شاهدا واحدا قيل له احلف مع شاهدك وخذ حقك فنكل عن اليمين. فقال إن كان حقا يعلمه فنكل فهو حانث وإن كان لا يعلم أحق هو أم باطل إلا بشهادة الشاهد من موروث وقع له أو لغيره فترك اليمين فهو أيضا حانث، وإن كان يعلم يقينا أنه لا حق له عليه وإنما أراد غيظه وأراد ألا يأخذ منه شيئا تلك نيته فترك اليمين فلا حنث عليه. قال محمد بن رشد: قد مضى القول على هذه المسألة مستوفى في رسم كتب عليه ذكر حق من سماع ابن القاسم فلا معنى لإعادته وبالله التوفيق. .مسألة قول الرجل امرأته طالق ثلاثا إن لم أطلقها عند رأس الهلال واحدة: قال: إن طلقها قبل رأس الهلال التطليقة التي جعل عند رأس الهلال لم يكن عليه إلا تطليقة واحدة، ولو لم يطلقها أيضا كانت طالقا واحدة ساعة تكلم بذلك ولم يؤخر إلى رأس الهلال ولو أبى إذا حلف بالله وقف فقيل له إما أن تطلق الساعة واحدة أو طلقت عليك البتة. قال محمد بن رشد: رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ في قول الرجل امرأته طالق ثلاثا إن لم أطلقها عند رأس الهلال واحدة، ثلاثة أقوال: أحدها قول ابن القاسم هذا إنه إن عجل عليه التطليقة التي جعل عند رأس الشهر لم يكن عليه غيرها يأتي على مذهبه في المدونة في الذي يقول امرأتي طالق إن لم أطلقها أنه يعجل عليه الطلاق، والثاني أنه إن عجل الطلقة التي جعل عند الشهر لم يلزمه غيرها وإن أبى أن يعجلها ترك ولم يوقف على الطلاق، فإن لم يطلق حتى يحل الشهر بانت منه بالثلاث، وهو قول أصبغ وسحنون، وعليه يأتي ما في سماع أبي زيد من كتاب التخيير والتمليك؛ والثالث أنه لا يوقف حتى يأتي الشهر فيبر بالطلاق عنده أو يحنث، وإن عجل التطليقة قبل أن يأتي الشهر لم يخرجه ذلك من يمينه ولم يكن له بد من أن يطلق عند رأس الهلال وإلا حنث، وهو قول المغيرة، وقد مضى تحصيل القول وبيانه في هذه المسألة في رسم حلف من سماع ابن القاسم من كتاب التخيير والتمليك وفي رسم أوصى من سماع عيسى منه حاشى قول المغيرة هذا، وبالله التوفيق.
|